النائب حاشد: تكريس مخرجات الحرب خطر في طريق السلام والحرب صنعت بيئة خصبة للفساد والحل يبدأ باختيار شخصيات مستقلة تمهد لانتخابات رئاسية
الانغلاق سيؤدي إلى نشوء مراكز قوى واشتداد التناقضات
يمنات
ردود النائب أحمد سيف حاشد على الاسئلة المرسلة من وكالة سبوتنيك الروسية..
– ماذا تقرؤون من خطاب زعيم جماعة الحوثيين في صنعاء الذي توعد فيه من اسماهم بالمندسين في البرلمان، وهل يعني هذا الامر عدم تقبل الجماعة لأي وجهة نظر منتقدة أو خارج إطار المسموح به؟ هل تخشون من الملاحقة من قبل الجماعة، ومن هم المقصودين في البرلمان؟
* ليس المهم كيف نقرأؤه ولكن الأهم كيف سيتم تطبيقه.. أظن إن التطبيق سيندرج في إطار الإحلال الذي يجري ممارسته على مستوى كل السلطات والاجهزة في صنعاء.. ويتناسب هذا مع سياسة التمكين، وطالما التمكين مستمر فسوف يزداد الانفراد والتفرد في الحكم، وقد رأينا هذا ولا زلنا نراه إلى اليوم..
شاهدنا مثل هذا من قبل.. ولازال يجري على مراحل بعناوين مختلفة، ولكنها تندرج في إطار الإحلال والاستبدال.. لازال الإحلال مستمر في كل أطر الأجهزة والسلطات.. إزاحة غير المواليين للجماعة واستبدالهم بمواليين لها حتى وإن كانوا أكثر ضعفا وهشاشة وفسادا أو هذا ما يجري بإمعان في واقع الحال.. معايير الولاء باتت هي الفاعلة، وهي الأولى في الإعتبار على حساب كل المعايير، وستجري في جلها أيضا على حساب من لهم موقف أو رأي أو وجهة نظر حيال الجماعة..
انغلاق الجماعة على نفسها سوف يؤدي إلى انكماشها واتساع رفض المجتمع لها، فهي كل يوم تستعدي فئة من الناس، أو شريحة اجتماعية، أو حتى عناصر نخبوية كانت ترى الجماعة إنها الأفضل، ثم رأت من خلال الواقع والسياسات إنها باتت لا تختلف عن غيرها..
وهذا الانغلاق سيؤدي بالتأكيد إلى نشوء مراكز قوى في الجماعة، واشتداد التناقضات ومن ثم الصراعات البينية في الجماعة نفسها.. التناقضات سنة كونية.. وصراع الأضداد قانون يفعل فعله في الوعي والمجتمع والكون بأسره.. وربما التناقضات الثانوية التي نراها اليوم في الجماعة تتحول غدا إلى تناقضات رئيسية..
قمع الرأي الآخر خارج الجماعة لن يؤدي إلى وقف التناقضات بينها وبين المجتمع، بل سيؤدي أيضا إلى انتعاش أساليب أخرى في الجماعة بدافع تنامي الطموحات الشخصية أو نحوها، ونشوء المؤامرات البينية، وربما الانقلابات أو احتدام وانفجار الصراعات بين مراكز قواها، وربما سيجد بعضها من يمولها ويدعمها سرا أو علانية من الخارج على نحو يعجّل بانفجارها إن كان توقيتها يتعدى المدى المنظور.. هذا أيضا لن يوقف تناقضات الجماعة مع المجتمع خارجها، ولاسيما أن هناك اتساع للإقصاء وتكاثر للمظالم وتغول للفساد وتزايد للقمع..
أما بصدد سؤالك بالخشية من الملاحقة من قبل الجماعة فعن نفسي أنا أعيش في صنعاء بوضع أشبه بالمنتحر.. هذا هو وضعي الآن في محيط سلطوي يتقبلني اليوم بصبر ومرارة، ولن يستطيع أكثر في المستقبل بكل تأكيد.. وغيري لن ينجو طالما الاستهداف يتسع لصالح الولاء للجماعة والجماعة فقط. لا غيرها..
ومن الأهمية بمكان أن أشير هنا إن هذا الوضع لا ينحصر على صنعاء، بل وله نظائره في غيرها.. فسلطات الأمر الواقع التي نراها اليوم، ليست أقل من جماعة أنصار الله إقصاء واستحواذا وفسادا، وزائدا عليها ارتهانا مخيفا للخارج، وعلى نحو تبدو فيه مستعدة لتقديم كل التنازلات للخارج مقابل بقاءها ودعمها، وإن كان هذا يتم على حساب الأرض والسيادة والوحدة والمصالح الكبرى لليمن..
– كيف ترون الحل للوضع السياسي الراهن في اليمن في ظل فشل جميع المحاولات لإحلال السلام في اليمن، وبرائيكم من هي الجهات المستفيدة من استمرار الحرب؟
* من الخطر أن يكون الطريق إلى السلام تكريس مخرجات هذه الحرب البشعة والتمزيقية التي تنفذ أجندات الغير على حساب أجندات ومصالح اليمن وشعبه ووحدته وسيادته وسلامة أراضيه.. السلام كان ممكنا ولازال غير مستحيلا..
لماذا لا يتم اختيار خمس شخصيات يمنية مستقلة لم تشترك في الحرب ولا تنتمي لأحد أطرافها تقوم بتطبيع الأوضاع من أجل انتحاب رئيسا للجمهورية بالإرادة الحرة للشعب، وبضمانات تمنع التأثير عليها بالمال أو القوة العسكرية أو غيرها من الوسائل، ثم يقوم الرئيس المنتحب بتهيئة الظروف لانتخابات برلمانية بإرادة حرة، وبضمانات عدم التأثير عليها من أطراف الحرب وداعميها، ثم تتوالى الخطوات ضمن خطة تنقذ اليمن مما هي ذاهبة إليه اليوم بالفعل..
نحن لا نريد إعادة تدوير المخلفات، وتكريس مخرجات الحرب، وإعادة إنتاج أطرافها لتتولى العملية السياسية الفاشلة من جديد، فمن كان سبب الحرب أو مشاركا فيها، لا يمكن أن يكون صانعا للسلام ولمستقبل اليمن.. من قادنا إلى كل هذه الكوارث وصنع كل هذه الأهوال والمآسي العراض لعمر جيلين أو ثلاثة قادمة لا يمكن أن يكون قاربا للنجاة والعبور إلى المستقبل..
هذا إن أردنا لليمن مستقبل.. أما نقل السلطة إلى نائب توافقي او مجلس رئاسي من أطراف الحرب فلا أمل في أي مستقبل، بل سنظل نتكبد مزيدا من المعاناة ودفع كلف لاحقة باهضة لمدد تتطاول وتطول على حساب مستقبل لن نرى منه إلا ما هو ذابح ومؤسف.
أما بصدد سؤالك عن الأطراف المستفيدة من الحرب، فهي معروفة، وأولها مافيات بيع السلاح النشطة في بعض الدول، وتجار الحروب، ومعهم تلك القوى التي حولت اليمن وصيرته ساحة لتصفية الحسابات الدولية، ومعها أطراف الحرب المحلية، وحواملها التي تريد أن تلعب دور الوكيل في تمزيق الوطن أرضا وإنسانا وتاريخا وجغرافيا..
أما بصدد ما أسميته في سؤالك محاولات السلام السابقة، فمن خلال ما يفصح عنه الواقع لا أرها كذلك، ويتبدى لي أن لا نية لدى القوى الدولية الكبرى لإحلال السلام، بل أن النية تتجه إلى تقاسم اليمن وتمزيقه وشرعنة هذا التمزيق والتقاسم باتفاقيات جزئية بين الأطراف اليمنية وبضامن دولي يتم شرعنته دوليا، وعلى نحو ينال من وحدة اليمن وشعبه وسيادته ومصالحه ومستقبل شعبه..
أما بصدد إطالة الحرب والاقتتال في اليمن فنجد أحد أهدافها ترسيخ هذا الواقع الذي أنتجته هذه الحرب الدميمة والبشعة، وربما إجراء بعض التعديلات على الواقع جزئيا بما يتوافق مع أطماع ومصالح وترضية بعض الدول الكبرى في اليمن أو ربما تجد تسويات لها في ملفات أخرى خارجها. وأيضا إلى حد ما مع مصالح دول الإقليم، ضمن مخطط تمزيق اليمن والنيل من أراضيه وسيادته.. لازلنا وإلى اليوم لم نجد توجهات جادة لإحلال سلام حقيقي صادق يضع مصالح اليمن قبل أطماع ومصالح الكبار.
– يشهد الوضع في اليمن انتشارا للفساد في مختلف المناطق سواء التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية او التي تسيطر عليها حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين، كيف تصفون الوضع في صنعاء وما هو برائيكم السبب الرئيسي وراء انتشاره في صنعاء؟
* لا تحدثني عن صنعاء وتتعامى عن بقية اليمن.. أنا أحدثك عن اليمن.. الحرب صنعت بيئة للفساد أكثر بألف مرة مما كان يحلم بها الفساد نفسه في يوم من الأيام.. تغوّل الفساد إلى حد لا يصدق.. صار فساد غير مسبوق بعهد مثله من قبل.. بات لديه كل الوسائل وكل الدعم لإخضاع الشعب الذي يدفع كلفته من كده ودمه.. بات الفساد في اليمن مدعوم إقليميا ودوليا، بل أن هذا الدعم الخارجي هو من شارك بدور رئيسي في صناعة معظم هذا الفساد الذي صار مهولا ويمارس على الشعب قدره واستبداده وطغيانه..
– هناك تداول في العديد من الأوساط عن إمكانية مضي المبعوث الاممي الجديد في طرح خطة سلام لا يكون الرئيس هادي جزء منها، وتعيين نائب رئيس توافقي تسلم له صلاحيات الرئيس، كيف ترون فعالية مثل هذا الطرح في حل الصراع في اليمن؟
* تدوير مخلفات الحرب أو إعادة إنتاج مخرجاتها لا تصنع سلاما ولا مستقبل ولا وطن حر ومستقل.. الحل ينبغي أن يكون انتقال إلى سلام حقيقي ويمن يرنوا إلى مستقبل وغير مشدود بثقالة الماضي أو مرهونا به.. وقد أشرت أن هذا غير مستحيل، ووضعت بعض العناوين له في جواب لسؤال سابق.. هذا إن كانت هناك رغبة حقيقية للسلام والمستقبل وتغليب مصالح اليمن على أطماع تريد تمزيقها وتبعيتها واحتلال بعضها..